هذه القصيدة من أجمل القصائد التي قالها نزار قباني، وهي من ديوان الرسم بالكلمات 1966 وكانت افتتاحية هذا الديوان كالتالي:
إذا تصفحت يوماً يا بنفسجتي
هذا الكتاب الذي لا يشبه الكتبا
تباركي بحروفي .. كل فاصلة
كتبتها عنك يوماً .. أصبحت أدبا
كتبت بالضوء عن عينيك . هل أحد
سواي بالضوء عن عينيك قد كتبا ؟
.. وكنت مجهولةً حتى أتيت أنا
أرمي على صدرك الأفلاك والشهبا
أنا .. أنا . بانفعالاتي وأخيلتي
.. تراب نهديك حولته ذهبا
نزار قباني صباحك سكر
إذا مرّ يومُ ولم أتذكر
به أن أقولَ: صباحك سكر..
ورحت أخطّ كطفل صغيرٍ
كلاماً غريباً على وجه دفترْ
فلا تضجري من ذهولي وصمتي
ولا تحسبي أن شيئاً تغيّرْ
فحين أنا لا أقولُ أحبُّ..
فمعناه أني أحبكِ أكثرْ..
إذا جئتني ذات يومٍ بثوبٍ
كعشب البحيراتِ.. أخضرَ.. أخضرْ
وشعْرُكِ ملقى على كتفيكِ
كبحرٍ.. كأبعادِ ليلٍ مبعثرْ
ونهدكِ.. تحت ارتفافِ القميصِ
شهيٌّ.. شهيٌّ.. كطعنة خنجرْ
ورحتُ أعبُّ دخاني بعمقٍ
وأرشف حبر دواتي وأسكرْ
فلا تنعتيني بموتِ الشعورِ
ولا تحسبي أن قلبي تَحَجّرْ
فبالوهم أخلق منكِ إلهاً
وأجعل نهدك قطعة جوهرْ
وبالوهم .. أزرع شعركِ دِفلى
وقمحاً .. ولوزاً.. وغاباتِ زعترْ..
إذا ما جلست طويلاً أمامي
كمملكة من عبيرٍ ومرمرْ..
وأغمضتُ عنْ طيباتكِ عيني
وأهملتُ شكوى القميصِ المعطرْ
فلا تحسبي أنني لا أراكِ
فبعض المواضيعِ بالذهن يُبصرْ
ففي الظلِ يغدو لعطرك صوتٌ
وتصبح أبعاد عينيكِ أكبرْ
أحبكِ فوق المحبة.. لكن
دعيني أراك كما أتصورْ
عشرون عاماً فوق درب الهوى
ولا يزال الدرب مجهولا
فمرةً كنت قاتلاً
وأكثر المرات مقتولا
عشرون عاماً .. يا كتاب الهوى
ولم ازل في الصفحة الاولى
|